القائمة الرئيسية

الصفحات

المحور الثالث: الطبيعة موضوع للنشاط الإنساني


المحور الثالث : الطبيعة موضوع للنشاط الإنساني
أ - من مواجهة الطبيعة إلى السيطرة عليها ؛ تحليل نص رينيه ديكارت : الإنسان مالك و سيد الطبيعة .

الخطوة الأولى : أقرأ النص التالي و أحاول تحديد موضوعه و أفكاره الرئيسية.

  النص :
و مع أنني كنت كثير الإعجاب بتأملاتي، فإنني كنت أعتقد أن لغيري من الناس أيضا تأملات ربما كانوا أكثر اعجابا بها. ولكنني لم أكد أحصل على بعض المبادئ العامة في علم الطبيعة، و ألاحظ، و أنا أبدأ باختبارها في مختلف المعضلات الجزئية، مدى ما تستطيع أن تسوق إليه، و مبلغ اختلافها عن المبادئ التي استخدمت إلى الأن، حتى اعتقدت أنه ليس في وسعي أن أكتمها دون أن أخِل إخلالا كبيرا بالقانون الذي يوجب علينا توفير الخير العام لجميع الناس على قدر استطاعتنا.
لأن هذه المبادئ أبانت لي أنه يمكننا الوصول إلى معارف عظيمة النفع في الحياة، وأنه يمكننا أن نجد، بدلا من هذه الفلسفة النظرية التي تعلم في المدارس، فلسفة عملية، إذا عرفنا بواسطتها ما للنار، والماء، والهواء، والكواكب والسماوات، وسائر الأجسام الأخرى التي تحيط بنا من قوة وأفعال، معرفة متميزة كما نعرف آلات صنائعنا، استطعنا أن نستعملها بالطريقة نفسها في جميع ما تصلح له من الأعمال، وأن نجعل أنفسنا بذلك سادة الطبيعة ومالكيها.
وليس الغرض من ذلك اختراع عدد لا نهاية له من الصنائع، التي تجعل المرء يتمتع من دون أي جهد بثمرات الأرض، وبجميع ما فيها من أسباب الراحة. وإنما الغرض الرئيسي منه أيضا حفظ الصحة، التي هي بلا ريب الخير الأول، وأساس كل الخيرات الأخرى في هذه الحياة.
👤 المرجع :

👈 رينيه ديكارت ، مقالة الطريقة ، ترجمة جميل صليبيا ، بيروت 1970 ص 194-196 . ( اضغط هنا للتعرف على صاحب النص )

الخطوة الثانية :اتموقع في سياق النص و أتعرف على الوضعية العامة لأوروبا خلال العصر الوسيط و عصر النهضة  .

🔃 سياق النص :
👈 لقد كانت أوروبا في العصور الوسطى و بدايات عصر النهضة تحث رحمة الكنيسة ، إذ كانت هذه الأخيرة مسيطرة على جميع مناحي و نواحي الحياة العامة للأفراد؛ اقتصاديا ، فكريا ، سياسيا ... و أنشئت في مجمل أوروبا مدارسا تابعة لها تعرف بالمدارس السكولائية ؛ و التي كانت تدرس بها فلسفة أرسطو في الغالب إضافة إلى تعاليم الديانة المسيحية و بعض من النظريات الرياضية ، و كانت تعارض كل الأبحاث العلمية و الفلسفية التي تختلف نتائجها مع ما تؤمن به ، فعلى مستوى الفلك مثلا كان الرأي السائد هو مركزية الأرض ( أي أن الأرض مركز الكون ) و جاءت فيما بعد أبحاث كل من كوبرنيقوس و غاليلي مؤكدة على أن الأرض ليست مركزا للكون بل الشمس ، لكن الكنيسة رفضتها بشدة و قامت بمعاقبتهما ، إلا أنه و بداية من عصر النهضة ستعرف أوروبا حركية فكرية جديدة صاحبتها كشوفات علمية و جغرافية و أخرى فلكية ...  جعلت معتقدات الكنيسة أمام اختبار و هدم ... 

الخطوة الثالثة :أعيد قراءة النص وفق فقراته و أحدد مفاهيمه بدقة ثم أعمل على تعريفها في سياقه ( لا تنسى سياق النص ) .

🔑 مفاهيم النص :
👈 الفلسفة النظرية : تلك الفلسفة التي كانت تعلم و تدرس في المدارس التابعة للكنيسة ، و التي تستند في مجملها على الفلسفة الأرسطية و تكون قائمة على مبادئ نظرية.
👈 الفلسفة العملية : فلسفة قائمة على مبادئ العلم الطبيعي و التي تصور ديكارت قدرتها على كشف قوانين الطبيعة و الأشياء بغاية السيطرة على الطبيعة.
👈 العلاقة القائمة بين الفلسفة النظرية و العملية : تتمثل في كون الفلسفة النظرية تقدم معرفة مجردة غير قادرة على كشف أسرار الطبيعة و الاستنفاع منها في المقابل الفلسفة العملية تتمثل في العلم الطبيعي و تمكن من كشف أسرار الطبيعة و معرفة قوة و أفعال الأجسام و قوانين حركتها.
👈 بناء على ما سبق فالعلاقة بين الفلسفة العملية و السيطرة على الطبيعة هي علاقة وسيلة بغاية : إذ أن الغاية هي التحـــــكم في الطبيعة ووسيلة تحقيق ذلك هي الفلسفة العملـــية ( العلم الطبيعي ) .

الخطوة الرابعة :أعيد قراءة مفاهيم النص و أبين أطروحة رينيه ديكارت منفتحا على سياق النص و إشكال المحور ثم أحدده بنيته الحجاجية .

🔑🔓 أطروحة النص :
👈 يدعو ديكارت إلى استبدال الفلسفة النظرية بالفلسفة العملية القائمة على المعرفة الطبيعية، و التي ستمكن الإنسان من السيطرة على الطبيعة و امتلاكها.

💁 البـــنية الحـــجاجية :
👈 الدحض و النقد : وتتمثل في نقد الفلسفة التأملية النظرية التي كانت سائدة في القرون السابقة، " وأنه يمكننا أن نجد بدلا من هذه الفلسفة النظرية … فلسفة عملية..."
👈 المثال : أعطى صاحب النص مجموعة من الأمثلة عن الظواهر الطبيعية: النار، الماء، الهواء، الكواكب... والغرض من ذلك هو توضيح أن معرفة مكوناتها والقوانين المتحكمة فيها، يؤدي إلى السيطرة عليها وتسخيرها لخدمة مصالح الإنسان.
👈 التقابل : بين الفلسفة النظرية و نتائجها و بين الفلسفة العملية و نتائجها.


ب - من السيطرة على الطبيعة إلى الإنسجام معها ؛ تحليل نص برتراند راسل : العلم تأمل و إنصات للطبيعة  .

الخطوة الأولى : أقرأ النص التالي و أتعرف على كاتبه ثم أحاول تحديد موضوعه و أفكاره الرئيسية.

النص :
لقد كان العلم في بدايته راجعا إلى الناس الذين أحبوا الطبيعة، وكانوا يسرحون بأبصارهم في جمال النجوم، والبحر، والريح والجبل. وكان من أثر حبهم إياها أن علقت بها أفكارهم. فرغبوا في فهمها أدق مما يتيحه مجرد التأمل الخارجي... فهراقليط وغيره من الفلاسفة الأيونيين الذين منهم أتت الشرارة الأولى للمعرفة العلمية، قد شعروا بالجمال العجيب للعالم، شعورا أشبه بالجنون الذي سرى في دمائهم. لقد كانوا رجالا ذوي عقل عاطفي جبار، ومن قوة عاطفتهم العقلية نتجت حركة العلم الحديث كلها.
بيد أنه ( غير أنه ) في أثناء نمو العلم أخذ باعث الحب الذي منه نشأ، يقاوم مقاومة تزداد شدتها مع الأيام، بينما باعث السيطرة، - ولم يكن من قبل غير تابع قليل الخطر- ، قد أخذ يغتصب منه مكان القيادة، على أساس نجاحه غير المنتظر. وهكذا هوى عاشق الطبيعة، وانتصر الطاغية الذي سيطر على الطبيعة، وكلما تقدم علم الطبيعة أخذ يجردنا تدريجيا مما كنا نحسب أننا نعرفه عن الكنه العميق للعالم المادي.
فاللون والصوت والنور والظل والصورة والتركيب لم تعد تنتمي إلى هذه الطبيعة الخارجية التي يتخذها الأيونيون معبودتهم الساحرة. كل هذه الأشياء قد صارت ملكا للمحب (الإنسان) بعد أن كانت ملكا للمحبوب (الطبيعة) فصارت الطبيعة هيكلا من العظام المقعقعة، باردة ومخيفة، ولكن لعلها مجرد وهم من الأوهام...
أما وقد خاب أمل رجل العلم في أن يكون عاشقا للطبيعة، فقد انقلب عليها طاغية جبارا و جعل الرجل العلمي يقول : ماذا يهم من أن العالم الخارجي موجود فعلا ، أو أنه مجرد حلم ، مادمت أنا أحمله على السلوك الذي أشاء ؟ و هكذا أحل العلم شيئا فشيئا معرفة السيطرة محل معرفة الحب .
من أجل هذا يجب أن ينظر إلى مستقبل المجتمع العلمي في توجس. فالمجتمع العلمي في صورته الخالصة... لا يتسق لا مع البحث عن الحقيقة، ولا مع الحب، ولا مع الفن، ولا مع المتعة الخالصة، ولا مع أي من المثل العليا التي اعتنقها الإنسان حتى الآن.
👤 المرجع  :

👈 برتراند راسل، النظرة العلمية، تعريب عثمان نوية، مكتبة الأنجلو المصرية، 1956. ص:251-254 ( اضغط هنا للتعرف على صاحب النص ) .

الخطوة الثانية  : أعيد قراءة النص و أحدد أفكار كل فقرة بكل دقة .

💬  أفكار النص :
👈 الفقرة الأولى : من بداية النص إلى مجرد وهم من الأوهام ...العلم في بدايته ظهر بفضل الفلاسفة الذين أحبوا الطبيعة و علقت بها أفكارهم ، الذين رغبوا في فهم أدق تفاصيلها ، و قد أتت الشرارة الأولى من الفلاسفة الأيونيين أمثال هراقليط إذ أحسوا بهذا الجمال العجيب للعالم يتميزون بعقل عاطفي جبار و من هذه القوة نتجت حركة العلم الحديث كلها .لكن أثناء نمو العلم بدأ باعث السيطرة يقاوم باعث الحب ، فهوى بذلك محب و عاشق الطبيعة و انتصر الطاغية و الجبار الذي سيطر على الطبيعة . حيث أصبحت خصائص الطبيعة الخارجية التي كانت عند محب الطبيعة ساحرة له ، ملكا للإنسان و جرد الطبيعة منها فصارت الطبيعة باردة و مخيفة.
👈 الفقرة الثانية : من أما و قد خاب إلى نهاية النص ...لما خاب رجل العلم في محبة الطبيعة و عشقها انقلب عليها و صار مسيطرا عليها ، و أحل بذلك شيئا فشئيا السيطرة محل الحب و العشق الذي كنه لها الأولون ... و من أجل هذا يجب على الإنسان ان ينظر إلى المجتمع العلمي بقلق و توجس إذ أن الصورة التي رسمت له في البداية لم تعد اليوم ( مع سيطرة الانسان على الطبيعة ) تتساق لا مع البحث عن الحقيقة و لا مع الحب و لا مع الفن و لا مع أي مثل اعتنقها الإنسان من قبل ... فعلى الغايات التي نحيا من أجلها أن تمنحنا السرور و البهجة لا أن تدمرنا و تدمر البيئة التي نعيش فيها .

الخطوة الثالثة :أعيد قراءة النص وفق فقراته و أحدد مفاهيمه بدقة ثم أعمل على تعريفها في سياقه.

🔑 مفاهيم النص :
👈 العلم لحظة حب الطبيعة و عشقها - لحظة الفلسفة اليونانية : إن اللحظة الأولى التي بدأ فيها العلم مع الفلسفة اليونانية لم يكن بهدف السيطرة على الطبيعة و لا تطويعها لتحقيق غايات الإنسان بل كان نتاج لحب الإنسان للطبيعة و انبهاره بسحرها و عشقه الدائم و المتدفق لها فحاول أن يسبر أغوارها من خلال الطموح لمعرفة أسرارها .
👈 العلم لحظة السيطرة على الطبيعة - لحظة الفلسفة الحديثة : مع بداية الفلسفة الحديثة انقلب على هذا الحب على هذه اللحظة الأولى و رسم لنفسه تصورا جديدا اتخذ فيه الطبيعة أداة لتحقيق غاياته من خلال السيطرة عليها و اكتشاف قوانينها و استغلالها لما يحقق مصالحه مما أدى إلى تدخل الإنسان في الطبيعة بشكل مفرط لأنه لم يعد يحبها و يعشقها كما في اللحظة الأولى بل اتخذها اداة و مصدرا يوفر له ما يطمح اليه و نتج عن هذا التدخل نتائج ايجابية ( بالنسبة لطمحه الجديد ) و أخرى سلبية.

الخطوة الرابعة :أعيد قراءة النص و أبين بنيته الحجاجية .

💁 البنية الحجاجية :
👈 انطلق صاحب النص من عرض موقف الفلاسفة الأوليين ( اليونانيين ) من الطبيعة و طريقة نشوء العلم لديهم ، و تصورهم للطبيعة الذي خصه بالعشق و الحب للطبيعة ، بعد ذلك استدرك بالموقف و التصور الجديد الذي حل محل الأول إبان الفلسفة الحديثة الذي انقلب على حب الطبيعة و عشقها إلى السيطرة عليها و تطويعها لما يحقق مصالحه ، مقدما أمثلة على ذلك ، ليخلص في الأخير إلى أن هذا التدخل الذي أقامه الإنسان يجب النظر إليه بتوجس و قلق لما سيطرحه من اشكالات تتعلق باستنزاف الطبيعة و تحويلها إلى هيكلا من العظام القعقعة ، موظفا في ذلك أسلوب العرض ، المثال ، التعريف ، الجرد ...

الخطوة الخامسة :أعيد ترتيب أفكاري و أنجز تركيبا عاما للمحور .

👈 تعرف التقنية على أنها مجموع الوسائل والأدوات التي ابتكرها الإنسان معتمدا في ذلك على العلم، و يهدف من خلالها إلى توفير خدمات مختلفة تساعده على التغلب على قوى الطبيعة ومظاهر النقص وتمكنه من تقليص المسافات واختصار الأزمنة لكن التطور الهائل الذي واكب التقنية الحديثة قلب المعادلة، فمع بداية العصر الحديث راودت الإنسان فكرة السيطرة على الطبيعة، عن طريق اكتشاف القوانين التي تحكمها وابتكار الأدوات التقنية الأولية وصنع الآلات التقنية الحديثة. من هنا دعا ديكارت إلى ضرورة الاهتمام بالفلسفة العلمية عوض الفلسفة النظرية، وذلك من أجل السيطرة على الطبيعة فإذا كان الهدف من التقنية هو السيطرة على الطبيعة وتسخيرها لصالح الإنسان، فهل تحقق هذا الهدف في الحقبة المعاصرة، أم أن الإنسان صار خاضعا لسلطة التقنية مجرورا بحبال الآلة، وبما أن التقنية أصبحت منتشرة كمنظومة واسعة تشمل جميع مناحي الحياة، فهل أثر هذا سلبا على الكائن البشري أم إيجابا على حياة الإنسان ومصيره؟
👈 أصبح الإنسان في مطلع هذا القرن خاضعا لسلطة التقنية وسيطرتها كما أنها أصبحت تهيمن حتى على مصير الطبيعة، فالأمل الكبير الذي جاءت به التقنية في تحقيق السعادة والرفاهية للبشرية كشف عن خيبة أمل، وفشل في تحقيق الوعد؛ فالتقدم اقتصر على الدول الغنية التي أصبح فيها الإنسان عبدا للآلة وجزا لا يتجزأ من نظامها .
👈 بناء على هذا يمكن القول أن التقنية صارت تهدد الإنسان و وجوده، ومع ذلك، فإنه لا يمكنه أن يستغني عنها بأي حال من الأحوال، لأنها أصبحت جزءا منه ومنظومة منتشرة في كل أنحاء حياته ومغروسة في أرضه حتى صعب اقتلاع جذورها، بل إن لها الفضل والتحكم والفعل في وجوده على ما هو عليه اليوم من كشف و سبر لأغوار الطبيعة و قوانينها ... لهذا صار على الإنسان اليوم تقنين تدخله في الطبيعة و تقنين طرق استعماله للتقنية حتى يتحرر من قبضتها عليه و على الطبيعة ...



لديك استفسار أو ملاحظة ... لا تتردد ... قم بالتعليق في أسفل الصفحة

تعليقات