المحور الأول : التمييز بين الثقافة و الطبيعة
أ - تحديد مفهومي الطبيعة و الثقافة : تحليل نص رالف بيلز و هويجز .
أ - تحديد مفهومي الطبيعة و الثقافة : تحليل نص رالف بيلز و هويجز .
النص :
نشأ مصطلح الثقافة عن الحاجة إلى وجود مصطلح ملائم لوصف الجوانب المشتركة لبعض أنواع السلوك التي بلغت مراتب عليا من التطور عند الإنسان، وإن تكن موجودة بدرجة أو بأخرى عند بعض الأنواع الأخرى. فعلى حين تتميز غالبية الحيوانات – بما فيها القردة العليا – بأن النوع الواحد منها يتبع أساسا نفس أنماط السلوك، فإن الإنسان يختلف عن ذلك، بل نجد على العكس من ذلك أن نوع " الإنسان العاقل " يتميز بتنوع ملحوظ فعلا في أنماط السلوك على الرغم من أن أفراده يتشابهون فيزيولوجيا إلى حد بعيد، ويتمتعون بأبنية جسمية متشابهة في جوهرها وبنفس الميكنزمات النفسية....
ولعلنا نستطيع أن ندلل على تنوع السلوك الإنساني في كل نشاط تقريبا من ألوان النشاط التي يؤديها الإنسان. فعادات الطعام – على سبيل المثال – تتباين بشكل لا نهائي. فنجد جماعات " الإسكيمو" التي تعيش في القارة القطبية تكاد تقتصر في غدائها على اللحوم و الأسماك وحدها، على خلاف كثير من الشعوب الهندية المكسيكية، التي يقوم غذائها في معظمه على الحبوب و الخضراوات. وكذلك نجد الحليب ومشتقاته تعتبر غذاء فاخرا عند شعب " الباجاندا " في شرق إفريقيا، في الوقت الذي تضعها فيه شعوب غرب إفريقيا فيلا مرتبة أدنى من ذلك...
إن قائمة الفروق في السلوك الإنساني قائمة طويلة... فما هي الأسباب التي ترجع إليها تلك الفروق إذن؟ ولماذا يتباين الناس بهذا الشكل في سلوكهم، رغم انتمائهم جميعا إلى نوع واحد؟
لعلنا نستطيع أن نجد إجابة جزئية على هذه الأسئلة، في الحقيقة التي مؤداها أن الإنسان يتعلم قدرا من سلوكه يفوق بكثير القدر الذي يتعلمه أي حيوان آخر. فالإنسان عند مولده ما يزال بعد – أغلب الثدييات الأخرى- في مرحلة جنينية.
ويعني هذا أن بعض مظاهر النمو المورفولوجي والفيزيولوجي التي تحدث عند الحيوانات الأخرى قبل الميلاد تحدث عند الإنسان، أو تظل مستمرة، خلال الشهور الأولى بعد ولادته فالرضيع العاجز يأتي إلى هذه الدنيا غير مزود بأي أساليب موروثة تتميز بأنها متطورة فعلا. ولكنه يستطيع أن يطور لنفسه خلال مرحلة ما بعد الولادة، قدرة فائقة على مرونة الاستجابة للظروف المحيطة به ويتحتم عليه ان يتعلم إلى حد كبير كيف يأكل، وكيف يتكلم، ويمشي .
و يتم إلى جانب من هذا التعلم من خلال الخبرة الشخصية أو الخاصة، ولكن الجانب الكبر من ها التعلم يتم عن طريق تقليد الآخرين الموجودين في بيئته، أو من خلال عمليات التلقين... فمفهوم الثقافة، يدل إذن، على أساليب السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم.
👤 المرجع :
👈 ر. ل. بيلز. و. ه. هويجز، مقدمة في الأنثروبولوجيا العامة، ترجمة محمود الجوهري ومحمود الحسيني، نهضة مصر للطباعة والنشر. القاهرة ط2..1990 ص.135 – 136. ( اضغط هنا للتعرف على كاتب النص )
نشأ مصطلح الثقافة عن الحاجة إلى وجود مصطلح ملائم لوصف الجوانب المشتركة لبعض أنواع السلوك التي بلغت مراتب عليا من التطور عند الإنسان، وإن تكن موجودة بدرجة أو بأخرى عند بعض الأنواع الأخرى. فعلى حين تتميز غالبية الحيوانات – بما فيها القردة العليا – بأن النوع الواحد منها يتبع أساسا نفس أنماط السلوك، فإن الإنسان يختلف عن ذلك، بل نجد على العكس من ذلك أن نوع " الإنسان العاقل " يتميز بتنوع ملحوظ فعلا في أنماط السلوك على الرغم من أن أفراده يتشابهون فيزيولوجيا إلى حد بعيد، ويتمتعون بأبنية جسمية متشابهة في جوهرها وبنفس الميكنزمات النفسية....
ولعلنا نستطيع أن ندلل على تنوع السلوك الإنساني في كل نشاط تقريبا من ألوان النشاط التي يؤديها الإنسان. فعادات الطعام – على سبيل المثال – تتباين بشكل لا نهائي. فنجد جماعات " الإسكيمو" التي تعيش في القارة القطبية تكاد تقتصر في غدائها على اللحوم و الأسماك وحدها، على خلاف كثير من الشعوب الهندية المكسيكية، التي يقوم غذائها في معظمه على الحبوب و الخضراوات. وكذلك نجد الحليب ومشتقاته تعتبر غذاء فاخرا عند شعب " الباجاندا " في شرق إفريقيا، في الوقت الذي تضعها فيه شعوب غرب إفريقيا فيلا مرتبة أدنى من ذلك...
إن قائمة الفروق في السلوك الإنساني قائمة طويلة... فما هي الأسباب التي ترجع إليها تلك الفروق إذن؟ ولماذا يتباين الناس بهذا الشكل في سلوكهم، رغم انتمائهم جميعا إلى نوع واحد؟
لعلنا نستطيع أن نجد إجابة جزئية على هذه الأسئلة، في الحقيقة التي مؤداها أن الإنسان يتعلم قدرا من سلوكه يفوق بكثير القدر الذي يتعلمه أي حيوان آخر. فالإنسان عند مولده ما يزال بعد – أغلب الثدييات الأخرى- في مرحلة جنينية. ويعني هذا أن بعض مظاهر النمو المورفولوجي والفيزيولوجي التي تحدث عند الحيوانات الأخرى قبل الميلاد تحدث عند الإنسان، أو تظل مستمرة، خلال الشهور الأولى بعد ولادته فالرضيع العاجز يأتي إلى هذه الدنيا غير مزود بأي أساليب موروثة تتميز بأنها متطورة فعلا. ولكنه يستطيع أن يطور لنفسه خلال مرحلة ما بعد الولادة، قدرة فائقة على مرونة الاستجابة للظروف المحيطة به ويتحتم عليه ان يتعلم إلى حد كبير كيف يأكل، وكيف يتكلم، ويمشي . و يتم إلى جانب من هذا التعلم من خلال الخبرة الشخصية أو الخاصة، ولكن الجانب الكبر من ها التعلم يتم عن طريق تقليد الآخرين الموجودين في بيئته، أو من خلال عمليات التلقين... فمفهوم الثقافة، يدل إذن، على أساليب السلوك التي تتصف بأنها تكتسب عن طريق التعلم.
👤 المرجع :
👈 ر. ل. بيلز. و. ه. هويجز، مقدمة في الأنثروبولوجيا العامة، ترجمة محمود الجوهري ومحمود الحسيني، نهضة مصر للطباعة والنشر. القاهرة ط2..1990 ص.135 – 136. ( اضغط هنا للتعرف على كاتب النص )
الخطوة الثانية :اتموقع في سياق النص و أقسمه إلى فقراته الأساسية ( وفق تسلسل الأفكار ) و أحدد ما يعالجه صاحبه في كل فقرة .
🔃 سياق النص :
👈 عبارة عن مقاربة انثروبولوجية لسياق ظهور مفهوم الثقافة من خلال المقارنة بين السلوك الحيواني الثابت و النمطي ، يميز فيه كاتبا النص مفهوم الطبيعة و الثقافة استنادا إلى ذلك.
💬 أفكار و فقرات النص:
👈 الفقرة الأولى ؛ من بداية النص إلى الميكنزمات النفسية : يتناول فيها أسباب ظهور مصطلح / مفهوم الثقافة ، و هو الحاجة الملحة لوجود مصطلح يعمل على تمييز السلوك الإنساني عن الحيواني ، لأن الإنسان قد أظهر تطورا في سلوكاته مقارنة بالحيوانات.
👈 الفقرة الثانية ؛ من و لعلنا نستطيع ... إلى جميعا من نوع واحد ؟ يتناول فيها صاحب النص ألوان و أشكال السلوكات الإنسانية المتباينة ، ثم تساءل فيها عن أسباب هذا التباين .
👈 الفقرة الثالثة ؛ من نستطيع أن نجد ... إلى آخر النص : يقدم فيها صاحب النص جوابا جزئيا للسؤال السابق ؛ إذ يذهب إلى أن الإنسان يتعلم قدرا من السلوك يفوق أي قدر يتعلمه حيوان آخر .
👈 عبارة عن مقاربة انثروبولوجية لسياق ظهور مفهوم الثقافة من خلال المقارنة بين السلوك الحيواني الثابت و النمطي ، يميز فيه كاتبا النص مفهوم الطبيعة و الثقافة استنادا إلى ذلك.
💬 أفكار و فقرات النص:
👈 الفقرة الأولى ؛ من بداية النص إلى الميكنزمات النفسية : يتناول فيها أسباب ظهور مصطلح / مفهوم الثقافة ، و هو الحاجة الملحة لوجود مصطلح يعمل على تمييز السلوك الإنساني عن الحيواني ، لأن الإنسان قد أظهر تطورا في سلوكاته مقارنة بالحيوانات.
👈 الفقرة الثانية ؛ من و لعلنا نستطيع ... إلى جميعا من نوع واحد ؟ يتناول فيها صاحب النص ألوان و أشكال السلوكات الإنسانية المتباينة ، ثم تساءل فيها عن أسباب هذا التباين .
👈 الفقرة الثالثة ؛ من نستطيع أن نجد ... إلى آخر النص : يقدم فيها صاحب النص جوابا جزئيا للسؤال السابق ؛ إذ يذهب إلى أن الإنسان يتعلم قدرا من السلوك يفوق أي قدر يتعلمه حيوان آخر .
الخطوة الثالثة :أعيد قراءة النص وفق فقراته و أحدد مفاهيمه بدقة ثم أعمل على تعريفها في سياقه ( لا تنسى سياق النص ) .
🔑 مفاهيم النص :
👈 خصائص السلوك الإنساني : سلوك متباين و متنوع يتغير من إنسان إلى آخر بفضل قدرته على التعلم .
👈 خصائص السلوك الحيواني : سلوك نمطي تابث لا يتغير عند الحيوانات من نفس الفئة.
👈 يعالج هذا النص مفهوم الثقافة من زاوية انثربولوجية من خلال المقارنة بين السلوكات الإنسانية و السلوكات الحيوانية ، إذ أن الأولى تتميز بالتنوع و التغيير رغم انتماءها إلى نوع واحد في حين تتميز الثانية بكونها سلوكات تابثة و نمطية رغم انتماءها إلى أنواع متعددة.
👈 المفاهيم المتفرعة عنه/ المرتبطة به : السلوك الإنساني ، التعلم بفضل الخيرة الشخصية ، تقليد الآخرين ، التلقين ، مكتسب .
👈 يحيل مفهوم الثقافة في النص إلى السلوكات التي يكتسبها الإنسان بواسطة التعليم و التقليد و التلقين ، و التي تتنوع و تتغاير من ثقافة إلى أخرى و على كل الإنتاجات المادية و الروحية للبشر في حين يشير ما هو طبيعي إلى كل ما هو بيولوجي وراثي.
👈 خصائص السلوك الإنساني : سلوك متباين و متنوع يتغير من إنسان إلى آخر بفضل قدرته على التعلم .
👈 خصائص السلوك الحيواني : سلوك نمطي تابث لا يتغير عند الحيوانات من نفس الفئة.
👈 يعالج هذا النص مفهوم الثقافة من زاوية انثربولوجية من خلال المقارنة بين السلوكات الإنسانية و السلوكات الحيوانية ، إذ أن الأولى تتميز بالتنوع و التغيير رغم انتماءها إلى نوع واحد في حين تتميز الثانية بكونها سلوكات تابثة و نمطية رغم انتماءها إلى أنواع متعددة.
👈 المفاهيم المتفرعة عنه/ المرتبطة به : السلوك الإنساني ، التعلم بفضل الخيرة الشخصية ، تقليد الآخرين ، التلقين ، مكتسب .
👈 يحيل مفهوم الثقافة في النص إلى السلوكات التي يكتسبها الإنسان بواسطة التعليم و التقليد و التلقين ، و التي تتنوع و تتغاير من ثقافة إلى أخرى و على كل الإنتاجات المادية و الروحية للبشر في حين يشير ما هو طبيعي إلى كل ما هو بيولوجي وراثي.
ب - مشكلة التمييز بين الطبيعة و الثقافة : تحليل نص كلود ليفي ستراوس .
النص :
إن التمييز بين الطبيعة وحالة المجتمع، في غياب دلالة تاريخية مقبولة، يقدم قيمة منطقية تبرر، بشكل تام، استعماله كأداة منهجية من طرف علم الاجتماع الحديث. فالإنسان كائن بيولوجي، وهو في الآن ذاته، فرد اجتماعي. ومن بين الاستجابات التي يقدمها للمثيرات الخارجية أو الداخلية، نجد بعضها، يرجع كليا إلى طبيعة الإنسان، بينما البعض الآخر، يعود إلى وضعه الاجتماعي، وهكذا لن نجد أية صعوبة عند البحث عن مصدر الفعل المنعكس لرفة العين أو للوضعية التي تكون عليها يد الفارس بمجرد إمساكها بالعنان. لكن التمييز السابق ليس دائما أمرا سهلا: فأحيانا يستدعي المثير الفزيائي – البيولوجي والمثير النفسي – الاجتماعي، ردود أفعال من نمط واحد. ويمكن آنذاك أن نتساءل – كما فعل "لوك" من قبل – هل خوف الطفل من الظلام يفسر بإرجاعه إلى طبيعته الحيوانية، أم إلى سماعه حكايات مربيته، أكثر من ذلك نجد في أغلب الحالات الأسباب غير متمايزة واقعيا. فجواب الذات، كسلوك، يعبر عن اندماج تام بين المصادر البيولوجية والمصادر الاجتماعية. وينطبق هذا الأمر على موقف الأم اتجاه طفلها، أو على الانفعالات المعقدة لمشاهدة عرض عسكري.
إن نفي هذا التعارض، أو عدم تقدير قيمته، يمنع كل فهم للظواهر الاجتماعية، لكن عند إعطاء ذلك التعارض كامل بعده المنهجي، قد ننزلق إلى جعل مسألة الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة لغزا لا يمكن حله: فأين تنتهي الطبيعة؟ وأين تبدأ الثقافة؟ يمكن أن نتصور عدة طرق للإجابة عن هذا السؤال المزدوج، غير أنه اتضح إلى الآن أن كل هذه الطرق قد خيبت الآمال بشكل كبير…
لم يسمح إذن أي تحليل واقعي بادراك نقطة الانتقال من وقائع الطبيعة إلى وقائع الثقافة وآلية تمفصلهما ، بيد أن ( غير أن ) النقاش السابق لم يفض بنا إلى هذه النتيجة السلبية فقط، بل أمدنا عن طريق وجود قاعدة أو غيابها في السلوكات التي تنفلت من التحديدات الغريزية، بالمعيار الأكثر ملائمة للمواقف الاجتماعية. فحيث تًبرُزُ القاعدة، فنحن على يقين بأننا على صعيد نظام الثقافة. وبصورة متماثلة، من السهل معرفة الكوني أو العام هو معيار الطبيعة. ذلك إن ما هو ثابت عند الإنسان ينفلت بالضرورة من مجال العادات، والتقاليد، والتقنيات، والمؤسسات التي عن طريقها تتمايز المجموعات وتتباين.
وفي غياب تحليل واقعي، فإن معياري القاعدة والكونية يقدمان مبدأ تحليل نظري يسمح، في بعض الحالات وفي حدود معينة على الأقل، بعزل العناصر عن العناصر الثقافية التي تتدخل في تركيبات النظام الأكثر تعقيدا. لنقل إذن عن ما هو عام لدى الإنسان يعود إلى نظام الطبيعة ويتميز بالعفوية، وأن كل ما يخضع لقاعدة ينتمي على الثقافة ويتسم بصفات ما هو نسبي وما هو خاص.
👤 المرجع :
👈 كلود ليفي ستراوس، البنى الأولية للقرابة، منشورات موتون ولاهاي، باريس 1967 صفحات 3 – 10 ( اضغط هنا للتعرف على الكاتب ) .
إن التمييز بين الطبيعة وحالة المجتمع، في غياب دلالة تاريخية مقبولة، يقدم قيمة منطقية تبرر، بشكل تام، استعماله كأداة منهجية من طرف علم الاجتماع الحديث. فالإنسان كائن بيولوجي، وهو في الآن ذاته، فرد اجتماعي. ومن بين الاستجابات التي يقدمها للمثيرات الخارجية أو الداخلية، نجد بعضها، يرجع كليا إلى طبيعة الإنسان، بينما البعض الآخر، يعود إلى وضعه الاجتماعي، وهكذا لن نجد أية صعوبة عند البحث عن مصدر الفعل المنعكس لرفة العين أو للوضعية التي تكون عليها يد الفارس بمجرد إمساكها بالعنان. لكن التمييز السابق ليس دائما أمرا سهلا: فأحيانا يستدعي المثير الفزيائي – البيولوجي والمثير النفسي – الاجتماعي، ردود أفعال من نمط واحد. ويمكن آنذاك أن نتساءل – كما فعل "لوك" من قبل – هل خوف الطفل من الظلام يفسر بإرجاعه إلى طبيعته الحيوانية، أم إلى سماعه حكايات مربيته، أكثر من ذلك نجد في أغلب الحالات الأسباب غير متمايزة واقعيا. فجواب الذات، كسلوك، يعبر عن اندماج تام بين المصادر البيولوجية والمصادر الاجتماعية. وينطبق هذا الأمر على موقف الأم اتجاه طفلها، أو على الانفعالات المعقدة لمشاهدة عرض عسكري.
إن نفي هذا التعارض، أو عدم تقدير قيمته، يمنع كل فهم للظواهر الاجتماعية، لكن عند إعطاء ذلك التعارض كامل بعده المنهجي، قد ننزلق إلى جعل مسألة الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة لغزا لا يمكن حله: فأين تنتهي الطبيعة؟ وأين تبدأ الثقافة؟ يمكن أن نتصور عدة طرق للإجابة عن هذا السؤال المزدوج، غير أنه اتضح إلى الآن أن كل هذه الطرق قد خيبت الآمال بشكل كبير…
لم يسمح إذن أي تحليل واقعي بادراك نقطة الانتقال من وقائع الطبيعة إلى وقائع الثقافة وآلية تمفصلهما ، بيد أن ( غير أن ) النقاش السابق لم يفض بنا إلى هذه النتيجة السلبية فقط، بل أمدنا عن طريق وجود قاعدة أو غيابها في السلوكات التي تنفلت من التحديدات الغريزية، بالمعيار الأكثر ملائمة للمواقف الاجتماعية. فحيث تًبرُزُ القاعدة، فنحن على يقين بأننا على صعيد نظام الثقافة. وبصورة متماثلة، من السهل معرفة الكوني أو العام هو معيار الطبيعة. ذلك إن ما هو ثابت عند الإنسان ينفلت بالضرورة من مجال العادات، والتقاليد، والتقنيات، والمؤسسات التي عن طريقها تتمايز المجموعات وتتباين.
وفي غياب تحليل واقعي، فإن معياري القاعدة والكونية يقدمان مبدأ تحليل نظري يسمح، في بعض الحالات وفي حدود معينة على الأقل، بعزل العناصر عن العناصر الثقافية التي تتدخل في تركيبات النظام الأكثر تعقيدا. لنقل إذن عن ما هو عام لدى الإنسان يعود إلى نظام الطبيعة ويتميز بالعفوية، وأن كل ما يخضع لقاعدة ينتمي على الثقافة ويتسم بصفات ما هو نسبي وما هو خاص.
👤 المرجع :
👈 كلود ليفي ستراوس، البنى الأولية للقرابة، منشورات موتون ولاهاي، باريس 1967 صفحات 3 – 10 ( اضغط هنا للتعرف على الكاتب ) .
الخطوة الثانية :اتموقع في سياق النص و أقسمه إلى فقراته الأساسية ( وفق تسلسل الأفكار ) و أحدد ما يعالجه صاحبه في كل فقرة .
🔃 سياق النص :
👈 تصدر عن الإنسان سلوكات طبيعية و أخرى ثقافية في آن واحد مما يطرح إشكالا فلسفيا و هو : ما معيار التمييز بين ماهو طبيعي و ماهو ثقافي في السلوكات الإنسانية ؟ و في هذا النص يقدم لنا كلود ليفي ستراوس أطروحة انثربولوجية / فلسفية يجيب فيها عن الإشكال أعلاه.
💬 أفكار و مفاهيم النص :
👈 الفقرة الأولى ؛ من بداية النص إلى مشاهدة عرض عسكري : يتحدث فيها عن التمييز الذي أقامه علم الاجتماع الحديث بين حالة الطبيعة و حالة المجتمع ليعترض على هذا التمييز نظرا لكونه صعب و ليس دوما أمرا سهلا مقدما مثالا لذلك ( باستحضار تساؤل سابق لجون لوك ) : هل خوف الطفل ناتج عن طبيعته الحيوانية أم سماعه حكايات مربيته ؟ / موقف الأم اتجاه طفلها / الانفعالات أثناء مشاهدة عرض عسكري.
👈 الفقرة الثانية ؛ من إن نفي هذا التعارض ... إلى بشكل كبير : يذهب فيها إلى أن عدم تقدير قيمة التعارض أعلاه ( في الفقرة السابقة ) وراء استعصاء فهم الظواهر الاجتماعية ، لكن عندما نقدم له بعده المنهجي نصبح أمام لغز هو كيف حدث الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة ؟
👈 الفقرة الثالثة ؛ من لم يسمح إذن ... إلى نهاية النص : يعالج فيها نقط الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة و تحديد معيار للتميز بين ما هو ثقافي و ما هو طبيعي - من خلال : معيار القاعدة مميزا لكل ما هو ثقافي ، و معيار الكوني أو العام لكل ما هو طبيعي - .
👈 تصدر عن الإنسان سلوكات طبيعية و أخرى ثقافية في آن واحد مما يطرح إشكالا فلسفيا و هو : ما معيار التمييز بين ماهو طبيعي و ماهو ثقافي في السلوكات الإنسانية ؟ و في هذا النص يقدم لنا كلود ليفي ستراوس أطروحة انثربولوجية / فلسفية يجيب فيها عن الإشكال أعلاه.
💬 أفكار و مفاهيم النص :
👈 الفقرة الأولى ؛ من بداية النص إلى مشاهدة عرض عسكري : يتحدث فيها عن التمييز الذي أقامه علم الاجتماع الحديث بين حالة الطبيعة و حالة المجتمع ليعترض على هذا التمييز نظرا لكونه صعب و ليس دوما أمرا سهلا مقدما مثالا لذلك ( باستحضار تساؤل سابق لجون لوك ) : هل خوف الطفل ناتج عن طبيعته الحيوانية أم سماعه حكايات مربيته ؟ / موقف الأم اتجاه طفلها / الانفعالات أثناء مشاهدة عرض عسكري.
👈 الفقرة الثانية ؛ من إن نفي هذا التعارض ... إلى بشكل كبير : يذهب فيها إلى أن عدم تقدير قيمة التعارض أعلاه ( في الفقرة السابقة ) وراء استعصاء فهم الظواهر الاجتماعية ، لكن عندما نقدم له بعده المنهجي نصبح أمام لغز هو كيف حدث الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة ؟
👈 الفقرة الثالثة ؛ من لم يسمح إذن ... إلى نهاية النص : يعالج فيها نقط الانتقال من الطبيعة إلى الثقافة و تحديد معيار للتميز بين ما هو ثقافي و ما هو طبيعي - من خلال : معيار القاعدة مميزا لكل ما هو ثقافي ، و معيار الكوني أو العام لكل ما هو طبيعي - .
الخطوة الثالثة :أعيد قراءة النص وفق فقراته و أحدد مفاهيمه بدقة ثم أعمل على تعريفها في سياقه ( لا تنسى سياق النص ) .
🔑 مفاهيم النص :
👈 حالة الطبيعة : مجموع السلوكات و المثيرات البيولوجية عند الإنسان ( و الحيوان ) ، و تعني كذلك الحالة الأولى التي وجد الإنسان نفسه عليها عند ظهوره لأول مرة في الكون.
👈 حالة المجتمع : مجموع السلوكات المكتسبة في اطار مجتمع معين ، تشير إلى ما هو ثقافي عند الإنسان ، و هي كذلك الحالة التي اصبح عليها الإنسان بعد انتقاله من حالة الطبيعة.
👈 الإنسان كائن بيولوجي / كائن اجتماعي : تصدر عن الإنسان سلوكات و استجابات يرجع بعضها إلى طبيعته و البعض الأخر إلى وضعه الاجتماعي الثقافي ، فالخوف مثلا هو حالة طبيعية يشعر به الإنسان عامة و لكن طريقة تعبيره على هذا الخوف يوجهها المجتمع و ثقافته.
👈 معياري القاعدة و الكونية : يسمح لنا معيار الكونية بتحديد السلوكات الطبيعية عند الانسان لأنها عفوية و ثابتة و تنفلت بالضرورة من مجال العادات و التقاليد، بينما يسمح معيار القاعدة بتحديد السلوكات الثقافية باعتبارها تتسم بما هو نسبي و خاص و تنفلت بالضرورة من التحديدات الغرائزية.
👈 حالة الطبيعة : مجموع السلوكات و المثيرات البيولوجية عند الإنسان ( و الحيوان ) ، و تعني كذلك الحالة الأولى التي وجد الإنسان نفسه عليها عند ظهوره لأول مرة في الكون.
👈 حالة المجتمع : مجموع السلوكات المكتسبة في اطار مجتمع معين ، تشير إلى ما هو ثقافي عند الإنسان ، و هي كذلك الحالة التي اصبح عليها الإنسان بعد انتقاله من حالة الطبيعة.
👈 الإنسان كائن بيولوجي / كائن اجتماعي : تصدر عن الإنسان سلوكات و استجابات يرجع بعضها إلى طبيعته و البعض الأخر إلى وضعه الاجتماعي الثقافي ، فالخوف مثلا هو حالة طبيعية يشعر به الإنسان عامة و لكن طريقة تعبيره على هذا الخوف يوجهها المجتمع و ثقافته.
👈 معياري القاعدة و الكونية : يسمح لنا معيار الكونية بتحديد السلوكات الطبيعية عند الانسان لأنها عفوية و ثابتة و تنفلت بالضرورة من مجال العادات و التقاليد، بينما يسمح معيار القاعدة بتحديد السلوكات الثقافية باعتبارها تتسم بما هو نسبي و خاص و تنفلت بالضرورة من التحديدات الغرائزية.
الخطوة الرابعة :أعيد قراءة مفاهيم النص و أبين أطروحة كاتبه منفتحا على سياق النص و إشكال المحور.
🔑🔓 أطروحة النص:
👈 يذهب صاحب النص إلى أن التمييز الذي قدمه علم الاجتماع الحديث و فروعه ليس حلا ناجعا للفصل بين ما هو ثقافي و ما هو طبيعي في الإنسان ، و لتوضيح ذلك ضرب مثال استشهد به من أفكار جون لوك القائل : هل خوف الطفل من الظلام يفسر بإرجاعه إلى طبيعته الحيوانية أم إلى سماعه حكايات مربيته ؟ مما دفعه لاقتراح مبدأ منهجي يقوم على مفهومي القاعدة و الكونية ، فالمعيار الأول يسمح لنا بتمييز الوقائع الثقافية المكتسبة في حين يسمح الثاني بتمييز الوقائع الطبيعية الفطرية.
👈 يذهب صاحب النص إلى أن التمييز الذي قدمه علم الاجتماع الحديث و فروعه ليس حلا ناجعا للفصل بين ما هو ثقافي و ما هو طبيعي في الإنسان ، و لتوضيح ذلك ضرب مثال استشهد به من أفكار جون لوك القائل : هل خوف الطفل من الظلام يفسر بإرجاعه إلى طبيعته الحيوانية أم إلى سماعه حكايات مربيته ؟ مما دفعه لاقتراح مبدأ منهجي يقوم على مفهومي القاعدة و الكونية ، فالمعيار الأول يسمح لنا بتمييز الوقائع الثقافية المكتسبة في حين يسمح الثاني بتمييز الوقائع الطبيعية الفطرية.
الخطوة الخامسة :أعيد ترتيب أفكاري و أنجز تركيبا عاما للمحور الأول.
👈 ما الطبيعة ؟ ما الثقافة ؟ ما معيار التمييز بين ما هو طبيعي و ثقافي ؟
👈 يحيل مفهوم الطبيعة إلى معنيين ؛ الأول عام و الثاني خاص ، فأما العام فيقصد به كل الموجودات في الكون سواء العاقلة أو الغير عاقلة ، الحية أو الغير الحية ، كالنباتات ، الأشجار، الأنهار ، الإنسان و الحيوانات ... و أما الخاص فيشير إلى بعد بيولوجي وراثي يشترك فيه الإنسان و الحيوان ، كالخوف ، النوم ، الجوع ، التكاثر و الموت ... بينما ( يقابله ) يقصد بالثقافة كل فعل أو نشاط أو سلوك انساني مكتسب و متعلم من سلوكات و اعتقادات تنتقل إلى الأفراد من الجماعة عبر التلقين و التعلم . فعلى الرغم من انتماء الإنسان بيولوجيا إلى مملكة الحيوانات و عالم الطبيعة إلا أنه يتميز بكونه استطاع تشييد معارف و اعتقادات و تقاليد متنوعة ، في حين ظل السلوك الحيواني نمطي لا يتغير .
👈 بناء على ما سبق يمكن القول بأن الخوف معطى طبيعي بيولوجي يشترك فيه الإنسان و الحيوان ، لكن بمجرد التـأمل فيه قليلا يبدو هذا التحديد أمرا غامضا ذلك أن الخوف مثلا عند الطفل قد يكون ناتجا عن ما يحكى له من روايات و اساطير ، و قد يكون عند البالغ نتاجا لعرض عسكري أو مشاهد تلفزيونية تحتوي على عروض مرعبة ... ما يجعل التحديد أعلاه أمرا غامضا عند التأمل في تجربة الإنسان ، ما يجعلنا نتساءل عن معيار التمييز بين ما هو طبيعي و ثقافي في السلوكات الإنسانية ، و كيف نفصل بينهما ؟
👈 يقترح علينا كلود ليفي ستراوس وضع تمييز منهجي و نظري بالاعتماد على معياري القاعدة و الكونية للفصل بين السلوكات الطبيعية و الثقافية عند الإنسان خصوصا أمام غياب لأي تمييز بينهما على المستوى التاريخي و الواقعي ، فمعيار القاعدة يمكننا من تحديد السلوكات الثقافية باعتبارها نسبية و لها خصوصية بينما يمكننا معيار الكونية من تحديد السلوكات الطبيعية باعتبارها ضرورية و مشتركة و كونية عند الإنسان .
👈 يحيل مفهوم الطبيعة إلى معنيين ؛ الأول عام و الثاني خاص ، فأما العام فيقصد به كل الموجودات في الكون سواء العاقلة أو الغير عاقلة ، الحية أو الغير الحية ، كالنباتات ، الأشجار، الأنهار ، الإنسان و الحيوانات ... و أما الخاص فيشير إلى بعد بيولوجي وراثي يشترك فيه الإنسان و الحيوان ، كالخوف ، النوم ، الجوع ، التكاثر و الموت ... بينما ( يقابله ) يقصد بالثقافة كل فعل أو نشاط أو سلوك انساني مكتسب و متعلم من سلوكات و اعتقادات تنتقل إلى الأفراد من الجماعة عبر التلقين و التعلم . فعلى الرغم من انتماء الإنسان بيولوجيا إلى مملكة الحيوانات و عالم الطبيعة إلا أنه يتميز بكونه استطاع تشييد معارف و اعتقادات و تقاليد متنوعة ، في حين ظل السلوك الحيواني نمطي لا يتغير .
👈 بناء على ما سبق يمكن القول بأن الخوف معطى طبيعي بيولوجي يشترك فيه الإنسان و الحيوان ، لكن بمجرد التـأمل فيه قليلا يبدو هذا التحديد أمرا غامضا ذلك أن الخوف مثلا عند الطفل قد يكون ناتجا عن ما يحكى له من روايات و اساطير ، و قد يكون عند البالغ نتاجا لعرض عسكري أو مشاهد تلفزيونية تحتوي على عروض مرعبة ... ما يجعل التحديد أعلاه أمرا غامضا عند التأمل في تجربة الإنسان ، ما يجعلنا نتساءل عن معيار التمييز بين ما هو طبيعي و ثقافي في السلوكات الإنسانية ، و كيف نفصل بينهما ؟
👈 يقترح علينا كلود ليفي ستراوس وضع تمييز منهجي و نظري بالاعتماد على معياري القاعدة و الكونية للفصل بين السلوكات الطبيعية و الثقافية عند الإنسان خصوصا أمام غياب لأي تمييز بينهما على المستوى التاريخي و الواقعي ، فمعيار القاعدة يمكننا من تحديد السلوكات الثقافية باعتبارها نسبية و لها خصوصية بينما يمكننا معيار الكونية من تحديد السلوكات الطبيعية باعتبارها ضرورية و مشتركة و كونية عند الإنسان .
لديك استفسار أو ملاحظة ... لا تتردد ... قم بالتعليق في أسفل الصفحة
تعليقات
إرسال تعليق